[/center]
فهل هذا نشأ مصادفة ؟ وانظر دوران الأرض حول نفسها ، وحول الشمس ، وميل محورها البالغ 23درجة ، وكيف تتكون فصول السنة التي تتغير من برد قارص إلى ربيع معتدل ، ثم صيف حار وخريف مقبول . لو كان المحور معتدلاً لم تدور الأرض حول نفسها ، و لتجمعت قطرات المياه المتبخرة من المحيطات والبحار ونزلت في مكانين محددين في الشمال والجنوب ، وكونت قارات من الجليد ولظل الصيف دائما والشتاء إلى الأبد ، ولهلك الناس والحياة والأحياء ، فهل ذلك نشأ مصادفة ؟
عظمة الكون
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) (الذريات:47)
يقول العالم بليفن في كتابه ( العلم ينظر إلى السماء ) : إن الكون أرحب وأعظم مما كنا نتخيله ، وإن الأجزاء النائية من الكون تندفع في الفضاء بعيداً بسرعة مخيفة .
و قد انتهى رأي علماء الفلك إلى أنَّ ما بين النجوم فضاءً تاماً ، والحقيقة أنه ممتلئ بالغازات والمواد المختلفة ، وفي السماء سحب غازية سابحة في الفضاء ، يبلغ قطر كل منها نحوا من ستة آلاف مليون ميل . والشمس والكواكب السيارة التي تدور حولها جميعها حديثة العمر بحسب التقدير الفلكي ، فإن الكواكب السيارة لا يزيد عمرها كثيراً على ثلاثة آلاف مليون من السنين .
و يقول بلفن كذلك : إن الكون كله بنجومه المختلفة الأحجام التي لا حصر لها ، والتي تندفع في جميع الاتجاهات كأنها شظايا قنبلة متفجرة ، صورة لا يكاد المرء يتخيلها حتى يدركه الانبهار ر وتنقطع أنفاسه ، ولكن يبدوا أن الأجدر بأن يبهر ويقطع الأنفاس هو رؤية هذا الكائن البشري الضئيل ، الذي يعيش على شظية من شظايا نجم صغير ، في زاوية **** من زوايا مجرة لا تختلف شيئا عن الملايين من أمثالها ، هذا الكائن يجرؤ عل أن يسمو ببصره إلى أطراف الفضاء ، يجرؤ فيتحدى ثم يجرؤ فيحاول أن يعرف الكون .
و يقو ل الفلكيون أن من هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم ، ما يمكن رؤيته بالعين المجردة وما لا يرى إلا بالمجاهر والأجهزة ، وما يمكن أن تحس به الأجهزة دون أن تراه ، هذه كلها تسبح في الفلك الغامض ، ولا يوجد أي احتمال أن يقترب مجال مغناطيسي لنجم من مجال منن مجال نجم آخر ، أو يصطدم كوكب بآخر إلا كما يحتمل تصادم مركب في البحر الأبيض المتوسط بآخر في المحيط الهادي يسيران في اتجاه واحد ، وهو احتمال بعيد وبعيد جداً ، إن لم يكن مستحيلاً .
يقرر العلم أن سرعة الضوء هي 186 ألف ميل في الثانية ، ومن النجوم ما ترسل ضوءها فيصل إلينا في دقائق ، ومنها ما سيصل في شهور وهناك نجوم أرسلت ضوءها و أمكن معرفة ذلك بأجهزة خاصة من ملايين السنين ولم يصل إلينا ضوءها بعد . فكم بذلك يبلغ اتساع الكون ؟
و يحيط بالكرة الرضية غلاف جوي يبلغ سمكه مائة ميل ، ويتكون من مزيج من الأكسيجين والآزوت وثاني أكسيد الكربون وبخار الماء والأزون وغازات أخرى ممتزجة بنسب ثابتة ، وأي تغيير في هذه النسب زيادة أو نقصان يسبب فقدان الحياة والأحياء .
يبلغ الضغط الجوي 14,7 رطلا على البوصة المربعة عند سطح البحر ، وهذا الضغط هو الذي يدفع الأكسجين خلال أغشية الرئة ثم في الدورة الدموية ليتوزع على أجزاء الجسم المتلفة ، وإن أي تغيير طفيف في هذا الضغط يسبب ما قد ينتهي بالموت . وقد وجد بالتجارب أنه حالة الطيران العالي إذا تجاوز الطيار ارتفاع 15 ألف قدم يتعرض لما يسمى بانسداد الشرايين الهوائية ، ثم يموت إذا وصل إلى ارتفاع 25 ألف قدم .
بعض ما في الكون:
قال تعالى :أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (سورة ق)
قال العلامة سينكا : " لا يستطيع المرء أن يرفع بصره نحو السماوات العليا إلا ويغضي إجلالاً ووقاراً ، إذ يرى ملايين من النجوم الزاهرة الساطعة ويراقب سيرها في أفلاكها ويتنقل في أبراجها " .
و كل نجم وأي كوكب ، وكل سديم وأي سيار ، أنما هو دنيا قائمة بذاتها ، أكبر من الأرض ، وما عليها وما حولها .
الأرض :
الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس وتتبعها في سيرها أينما سارت . وهي الكوكب الخامس من حيث الحجم ، والثالث من حيث القرب من بين الكواكب التسعة التي تتكون منها المجموعة الشمسية .
و الأرض تكاد تكون كرة ، إلا إنها منبعجة قليلاً عند الاستواء ومفلطحة عند القطبين .و يقدر طول قطر الأرض المار بالقطبين 7900 ميل ، وقطرها الاستوائي 9727 ميلاً ، ومحيط الأرض عند القطبين 24220 ميلاً ، ومحيطها حول خط الاستواء 24900 ميل .
و مساحة سطحها 200 مليون من الأميال المربعة , ويشغل اليابسة منها نحواً من 50 مليون ميل مربع ، والماء حوالي 150 مليون ميل مربع .
و هي تدور بنا حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة ، فمن كان في المناطق الحارة فهو يتحرك بسرعة معدلها ألف ميل في الساعة أو 16 ميلا في الدقيقة . وتدور حول الشمس في فلك يبلغ محيطه 580 مليون ميل ، فمعدل سرعتها في هذه الحركة يبلع 60 ألف ميل في الساعة ، أو بنحو ألف ميل في الدقيقة , والنظام الشمسي كله بما فيه الأرض ينهب الفضاء نهيا بسرعة لا تقل عن 20 ألف ميل في الساعة ، أي أكثر من 300 ميل في الدقيقة ، متجهة نحو برج هركيوليس .
أما عمر الأرض فقد بدأ الإنسان تكهناته عنه من آماد بعيدة ففي القرن السابع عشر قال الأسقف جمس أوثر أن العالم بدأ يوم 26 أكتوبر سنة 4004 قبل الميلاد . وجاء في أحد الكتب الهندية المقدسة أن عمر العالم هو 1972949056 سنة , وفي العصر الحديث بدأت الجهود التي يبذلها الفلكيون في المرصد تلتقي عند أدق رقم يمكن أن يعتبر أصح تقدير لعمر الكرة الأرضية .فقد دلت آخر التقديرات القائمة على دراسات فلكية وأبحاث علمية في مراصد ليك ومونت ويلسون وبالومار ، على أن عمر الكرة الأرضية حوالي 54000000000 سنة ، ونسبة الخطأ في تقدير هذا الرقم تقرب من 20% .
الشـمـس
أما الشمس فهي كرة من الغازات الملتهبة عمرها 5000 مليون سنة ، قطرها يزيد عن مليون وثلث مليون كيلومتر ، ومحيطها مثل محيط الأرض 325 مرة ، ويبلغ ثقلها 332 ألف ضعف ثقل الأرض ، وتبلغ حرارتها الداخلية 20 مليون درجة مئوية بينما حرارة سطحها نحو 6000 درجة .
و هذا السطح تندلع منه السنة اللهب إلى ارتفاع نصف مليون كيلومتر . وهي تنثر في الفضاء باستمرار طاقة قدرها 167400 حصان من كل متر مربع ، ولا يصل للأرض منها سوى جزء من 2 مليون جزء ، وهي لا تعتبر إلا نجمة ولكنها ليست في عداد النجوم الكبرى . وسطحها به عواصف وزوابع كهربائية ومغناطيسية شديدة ، والمشكلة التي حيرت العلماء هي أن الشمس كما يؤخذ من علم طبقات الأرض لم تزل تشع نفس المقدار من الحرارة منذ ملايين السنين ، فان كانت فلا شك أن طرقة الاحتراق الجارية فيها غير ما نعهد ونأنف ن و إلا لكفاها ستة آلاف سنة لتحترق وتنفذ حرارتها , وقد زعم البعض أن النيازك والشهب التي تتساقط على سطحها تعوض الحرارة التي تفقد بطريق الإشعاع ،و لقد ثبت مؤخراً أن عملية توليد الطاقة الشمسية هو تحول الوقود الغازي الهدروجيني الموجود بوفرة في الشمس وغير من النجوم إلى غاز الهليوم وذلك خلال سلسلة من التفاعلات النووية المعقدة والتي ينشأ عنها طاقة هائلة جداً لا يمكن تصورها .
و قد أعلن الدكتور توماس جولد ، نائب مدير مرصد مرينتش ، أن انفجار حدث في الشمس يوم 13 فبراير سنة 1956يعادل القوة الناجمة عن مليون قنبلة هدروجينية ، وأدى هذا الانفجار إلى قذف الأرض بوابل من الإشعاعات الكونية .و قال الدكتور في بيانه : إن الزيادة في الإشعاعات الكونية بدأت في الساعة 3.45 صباحاً بتوقيت جر ينتش ، واستمرت حوالي ساعتين ، وهذه الزيادة التي تعرضت لها الأرض من الإشعاعات الكونية تعتبر أكبر زيادة في التاريخ " ووصف الدكتور الانفجار بأنه حدث في منطقة أكبر من مساحة الكرة الأرضية وأن قوته كانت منن الشدة بحيث لا يمكن أن يدركها العقل البشري في الإشعاع اكوني كان جسم كل رجل وامرأة وطفل وكل كائن حي يتلقى ضعف الكمية العادية من الإشعاع في كافة أنحاء العالم .أما مرصد هارفارد ،ن فقد أذاع بيانا قال فيه الدكتور دونالد ميتزال مدير المرصد أن الانفجار الذي حدث في الشمس ، قد سجلته عدة أفلام بواسطة الكونجراف ، وهو جهاز لتسجيل الشعلات النارية والضوئية الخارجة من الشمس وأتضح أن قوة الانفجار الذي حدث يعادل انفجار 100 مليون قنبلة هيدروجينية دفعة واحدة ، وأن قوتها تزيد ألف مرة على الجاذبية الأرضية
المصدر :
كتاب " الله والعلم الحديث " بقلم عبد الرزاق نوفل ط: دارالناشرالعربي الطبعة الثالثة 1393هـ