امرؤ القيس والاعجاز الثلاثي
مكر مفر مقبل مدبر معا . . . . . . كجلمود صخر حطه السيل من عل
وصف بسيط للفرس ولكن ما به من إعجاز.
لنأخذأولا
“مكر مفر مقبل مدبر معا” كيف يكر الحصان ويفرفي آن واحد ويقبل ويدبر في آن واحد؟
العقل المحدود يقول لا يمكن، إنما هي بلاغة شاعر ليس إلا.
ولكن العلم الحديث يقول لنا غيرذلك.
نعم إن الحصان يكر ويفر في نفس اللحظة، ويقبل ويدبر في اللحظة ذاتها. كيف؟ هذاما اكتشفه إدوارد مايبريدج في أواخر القرن ال19 عندما صنع كاميرا عالية السرعة ultrafast لبحث حركة الحصان واكتشف – أنه أثناء جري الحصان تكون رجلاه الخلفيتان تتقدم في نفس اللحظة التي تتأخر فيها رجلاه الأماميتان، وعندماتبدأ رجلاه الأماميتان في التقدم تتحول حركة رجليه الخلفيتين إلى التأخر. وهكذايقبل الحصان ويدبر، ويكر ويفر، في ذات الوقت!!!
هذا المثال يستشهد به أحمد زويل كثيرا في أبحاثه العلمية،
ويذكره دائما على أنه كان وراء تفكيره في ابتكار تقنيةالليزر التي استخدمها في التصويرفائق السرعة للجزيئات.
وكل هذه الأبحاث تؤيد امرؤ القيس في أن الحصان رجلاه الأميتان تكران بينما رجلاه الخلفيتان تفران ثم تتبدل الحركة فتقبل رجلاه الخلفيتان بينما تدبر رجلاه الأماميتان.
أما الإعجازالثاني في البيت:
“كجلمود صخر”،
وهو ما يفيد بأن الحصان برغم أنه يكر ويفر ويقبل ويدبر معا، إلا أنه يتحرك ككتلة واحدة تماما كجلمود صخر.
أي أن الحصان برغم كره وفره وإقباله وإدباره في ذات الوقت إنما يتحرك في النهاية باتجاه واحد كصخرة لا تلوي على شيئ. . .
أما الإعجاز الثالث:
“حطه السيل منعل”.
إننا لا نفهم كيف يمكن تشبيه حصان يجري في طريق أفقي، بصخرة تسقط من أعلى. فهل أخطأ امرؤ القيس يا ترى؟
لو لم ينقذنا العلم الحديث لظننا أنه مجرد صورة بلاغية. ولكن العلم الحديث يقدم الإجابة: إن تحليل حركة الحصان equine locomotion analysis بواسطةأجهزة الرصد والتحليل المتطورة أثبتت صحة نظرية مايبريدج والتي تقول بأن دورة حركةأرجل الحصان تشمل مرحلة تكون فيها حوافر الحصان الأربعة كلها في الهواء (أي غيرملامسة للأرض) في آن واحد. أي أنه في كل دورة حركة يسقط الحصان كله من أعلى (من عل) مرة واحدة على الأقل.
فلله درك يا امرؤ القيس. هل امتلكت كاميرا ليزر؟
امرؤ القيس واكتشاف الجاذبيه:
فيا لك من ليل كأن نجومه بكل مغار الفتل شدت بي ذبل
كأن الثريا علقت في مصامها بأمراس كتان إلى صم جندل
انالمحتوى الفيزيائي لهذين البيتين
والذين يكشفان
دون شك أن إمرؤ القيس كان قداكتشف نظرية الجاذبية قبل نيوتن بنحو من ألف عام:
وكيف أن كل النجوم تجذب بعضها بعضا.
وحتى يخاطب معاصريه بقدر علمهم فقد استخدم مثال أن النجوم مربوطة معا بحبال مفتولة وهذا طبعايعنى أنه أدرك أن قوة الجاذبية تعمل على الخط (الحبل) الواصل بين كل جسمين متجاذبين.
,
وباختصار فإنه معروف لأي طالب رياضيات أن الخيط أو الحبل المعلق بين نقطتين يتبع خطا محنيا بسبب الجاذبية ويسميه الرياضيون
فإذا ما قمنا بلف الحبل المنحني على شكل كاتيناري لحصلنا على الإنحناءالمشهور لأحداثيات الزمن والمكان بسبب وجود الكتلة وهو ما يعتبر النتيجة الرئيسية لنظرية الجاذبية العامة.
1من الواضح في البيت الأول أن امرؤ القيس يتحدث عن الجاذبية
2 في البيت الثاني يتعرض امرؤ القيس للتفصيل الرياضي لقاعدةالجاذبية حين يقول “كأن الثريا علقت في مصامها” مشيرا بإشارة خفية إلى أن هذه القوةتعتمد عكسيا على البعد بين الجسمين المتجاذبين ويستدل ذلك من كلمة “مصامها” لأن الشيء الأصم يستوي في الأسفل بمعنى أسفل الكسر الرياضي. أما الإعتماد على مربع المسافة فيستدل أنه استعمل بيتين من الشعر ولو كانت العلاقة مكعبة لاستعمل ثلاثةأبيات. Catenary