الجنـــــس : عدد المساهمات : 268تاريخ التسجيل : 11/05/2011العمــــر : 37البلــــد : المغرب
موضوع: غصن زيتون.... الخميس يونيو 09, 2011 1:25 pm
جلستْ في الزوايا تحصي ما بقيَ من رصيد أحلامها ، فجأة نهضت من مكانها كالمفزوعة .. أطلت من النافذة لتتأمل الثلوج المتساقطة بهدوء ورشاقة على الأرض .ما هيَ إلا ثوانٍ معدودة وسيضحي بستانها ناصع البياض. ذهبت لمرآتها مسرعة لتعد عدد الشعر الأبيض فيها وجدتها لم تتجاوز الخمس شعيرات _ عام مضى وحقل قلبها الأخضر أضحى داكناً كالرماد الذي يعانق سماء مدفأتها التي صممتها لتبدو كأنها من العصور الوسطى. "سليم " حبيبها الذي كانَ يعشقها _ أستولى على حلمها ونصبَ خيمتهُ داخل أسوار قلبها وحينَ انهمرت أول قطرات مصاعبها تركها وبسهولة، طارَ مع هبات الريح. "سليم ، أنا بمحنة ..سيرهنون بيتي إن لم أدفع الديون التي تراكمت علي!!" "أخبرتكِ مليون مرة ألا تعطي أي مال لشقيقك فهوَ لن يعيدهُ لك في الوقت المحدد .. هذا إن أعادهُ اصلاً ..وستقعين تحتَ طائلة الديون ." _ "ألن تساعدني ؟ " _ " طبعاً سأساعدكِ .." عانقتهُ بفرح وقالت لهُ :"سأعيد المبلغ لك عما قريب ، أعدكَ بذلك حبيبي ولن تندم .." _ "غداً سيكون المبلغ المطلوب لديكِ ." غادرها بسرعة لم تعهدها فيه، انتظرتهُ ولكنهُ لم يأتِ ،بل وصلتها رسالة منهُ تخبرها أنهُ قد ارتبطَ بأخرى وأنهُ لن يستطيع أن يسلفها المبلغ المطلوب لأنهُ لا يود أية مشاكل مع عروسهُ المستقبلية . أغلقت نافذة قلبها على مصراعيها ونظرت أمامها لتجد خطاً أسوداً على مرمى بصرها تقف على طرفهُ البعيد حمامة وبفمها غصن زيتون لا زالَ أخضرا.. بعدَ أيام تفاجأت بوصولِ رسالة إليها تحملُ مبلغاً ضخماً من المال ،أمسكتهُ بيدها وبسرعة جرت للهاتف وأدارت أقراصهُ : "الو ، سليم هل انتَ معي؟ " _"أجل معكِ " أجابها بأسلوب فظ ، "ما الذي تريدينهُ مني ؟ هل تريدين افساد حياتي ؟ " _ "اتصلت لأشكرك على المبلغ الذي أرسلتهُ لي لتسديد ديوني ." _ "عن أي مبلغ تتكلمين ؟ " اغلقت السماعة بهدوء قبلَ أن ينهي كلامهُ ، وقربت معطفها على جسدها النحيل وكأنها تود عصر آخر أنفاسها .. في نفسِ اليوم ونفس الطقس البارح العاصف ونفس الحزن المخيم على بيتها، تذكر كيفَ أنها سددت كل ديونها وأشترت لشقيقها بقالة ليعمل بها ،وأخبرتهُ أن عليهِ أن يتصرف كرجلٍ مسؤول .
عادت لتجلس قربَ النافذة لتستمتع بصوت الرياح العاصفة التي تكاد تقتلع الأشجار وبيدها حملت رواية وتخيلت أنها البطلة التي تعدو خوفاً من شبحٍ مجهول يطاردها ليقتلها .. استيقظت مفزوعة على صوت يقول لها : "أختي الحبيبة ، أخلدي للنوم .. قدمتُ للإطمئنان عليكِ قبل أن أعود لبيتي ،تفضلي روايتك التي سقطتِ منكِ على الأرض .." ابتسمت لهُ بحنان وضمتهُ لقلبها الدافيء ولم تعلم لمَ صاحبتها دموعها الغزيرة . سألها شقيقها مرة أخرى : "هل تريدين مني شيئاً قبلَ أن أنصرف ؟" انفرجت مرة أخرى عن شفتيها ابتسامة طفيفة وقالت له:" اذهب لعروسك الجميلة ولا تدعها تنتظرك لئلا تقلق عليك ." توقفَ شقيقها أمام الباب قليلاً وهوَ يمسك مقبضهُ بيده وهمسَ :"ستصبحين عمة عما قريب " وأغلقَ الباب خلفهُ ليستمع لضحكات من الفرح تخترق قلب طائرٍ جريح .